Friday, October 23, 2009

المشرق»... حكاية سورية بامتياز

وسط 370 فضائية عربية تبّث عبر قمر الـ «nile sat»، سطع نجم قناة «المشرق» أو الـ «orient tv» الفضائية السورية، في الثاني من شهر فبراير الماضي، لتحقق حضوراً قوياً في الشارع السوري تحديداً والعربي عامةً. وفي سابقة أولى من نوعها دأبت فضائية «المشرق» على مواصلة البث منذ اليوم الأول على مدار الأربع وعشرين ساعة، ودون الحاجة الى المرور في مرحلة البث التجريبي. قناة «المشرق» لصاحبها محمد غسان عبود، القادم الى الاعلام من عالم ادارة الأعمال، والتي تبثّ من دبي، قدّمت صورة مغايرة للفضائيات السورية انطلاقاً من هويتها البصرية وتصاميمها الغرافيكية، وصولاً الى برامجها الشابة، التي طرحت صورة حضارية عن سورية، وحقّقت قفزة في عالم الاعلام السوري المرئي الخاص، موفّرة اطلالة جديدة على المشهد السوري. وعلى الرغم من الانطباع الذي تكوَّن لدى البعض أن المادة التي تقدمها القناة تتماهى مع عصر الوجبة الخفيفة، الا ان البعد الثقافي حاضر بقوة في برامجها. «اللوك الجديد» الذي أطلقه تلفزيون «المشرق» أثار نقاشاً واسعاً في الشارع العربي، وكان الاعتماد على الوجوه الشابة السورية والتي في معظمها الساحق تطل للمرة الأولى على الساحة الاعلامية، كفيل باضفاء روح متجددة على البرامج في محاولة للتخلص من التكلّس، والنبش في عمق حياة الناس، والتعبير عن نبض الجدل الثقافي في الشارع العربي عبر برامج للمشاهير والنساء والمثقفين والشباب. سياسة المشرق «المشرق» الليبرالية، فضائية تحب وتقدس فلسفة الحياة وتهدف الى نشرها، وتستهدف شرائح اجتماعية منوعة متعددة ثقافياً على المقاييس كافة اذ ان تلفزيون المشرق أطلق كاميراته واعلامييه في كل جغرافية الأراضي السورية، ودخل في زوايا المجتمع السوري بما فيها الزوايا الضيقة والخطرة والتي لطالما صنفّها المراقبون لمسيرة النظام والحكومات السورية المتعاقبة على أنها خطوط حمراء، فقدم وجها عن المجتمع والنظام والحكومات السورية غير الوجوه المنمّطة التي وضع فيها!. وبذلك تمكنت شاشة «المشرق» من اسقاط الكثير من المقولات أن الحكومات السورية تضيّق الخناق على الاعلام السوري الخاص، وظهرت صورة المواطن السوري بأطيافه كافة كصورة جميلة عكست واقعاً مغايراً لما كانت تقدمه القنوات الأخرى. ويمكن القول أن علاقة فضائية «المشرق» بالجمهورية العربية السورية أشبه بعلاقة قناة «العربية» مع المملكة العربية السعودية وشاشة «الجزيرة» مع قطر.تلفزيون المشرق لم يدخل في سرداب الحراك السياسي في سورية، لكنه أيضا لم يقدم نفسه كبوق لاسطوانات مشروخة تعتمد على لغة الخطابة والتوجيه، اذ انه لعب على هامش دقيق، منتقداً في بعض برامجه وأخباره الأداء الحكومي بمهنية تبتعد عن الضجيج وتبني المواقف المعلبة، مقدما صورة للحراك الحياتي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي بكل ما له وما عليه من ايجابيات وسلبيات. ولعل من أهم الخدمات التي قدمها مشروع تلفزيون المشرق أيضا، أنه بدأ يخلق جيلا من الشباب السوريين المهنيين العاملين في مجال الاعلام التلفزيوني، سواء في الجوانب الفنية والهندسية أو في الجوانب التحريرية والاعلامية والبرامجية. 20 برنامجاً ترضي الأذواق كافة بدأ تلفزيون المشرق دورته البرامجية الأولى بثلاث نشرات اخبارية، انطلاقاً من نشرة «هنا سورية» المدعّمة بتقارير اخبارية يومية تُعنى برصد ظواهر وأحداث اجتماعية بلغة بسيطة وكاميرا حاضرة في كل مكان، معتمدة على شباب تلتقط عيونهم الغرابة والجمال.. وبحسب تصريح لسهير الذهبي، المشرفة على التقارير الاخبارية في نشرة «هنا سورية» فانَّ اعتمادهم الأول يقوم على اندفاع الشباب وعلى صفاء عقولهم، ولا تقتصر التقارير على دمشق انما تمتدُّ لتشمل معظم المحافظات السورية مع 10 مراسلين يرصدون ما يحدث في بقية المدن السورية. الى ذلك ظهرت نشرة الساعة الرابعة من استوديوهات التلفزيون في القاهرة، وهذه ذات طابع اخباري دولي عربي، أما النشرة الثالثة فيتمّ بثّها من استوديوهات التلفزيون من مؤسسة لايف بوينت للانتاج التلفزيوني بدبي والتي تعود ملكيتها لمالك التلفزيون نفسه، وهذه النشرة أيضا ذات محتوى دولي عربي. برامج خارج التأطير مع تغليب البرامج الشبابية الخارجة من اطار الاستديوهات، تبدو القناة مُصرَّة على اظهار مجتمع سوري بطريقة أقرب الى رصد الواقع. وتحت هذا العنوان اختارت القناة مجموعة من البرامج المسجلة خارج الاستوديو، والتي استخدمت فيها مهارات عدة كالديكودراما واللعب على العوالم اللونية وغيرها. وسنأتي على ذكرها في الأسطر التالية: حكاية سورية بعيداً عن السياسة يقدّم تلفزيون «المشرق» برنامج «حكاية سورية» الذي شهد تجاوزات للكثير من الخطوط الحمراء المرسومة منذ بداية الستينات، اذ تدور حلقات البرنامج حول الخصوصية السورية في مواضيع حياتية كالموضة والفن التشكيلي والصناعات والخمر والجنس والتبغ وغيرها من الموضوعات، وأهم انجازاته هو دخوله واستكشافه لفسيفساء المجتمع السوري، وتسليطه الضوء على الاثنيات العرقية والطوائف الدينية (الأرمن، الشركس، التركمان، الأشوريين، اليزيديين...)، بحيادية وبساطة مطلقة، ما أسهم بشكل فعّال في رفع الجهل وتكسير العداوة بين شركاء الوطن. «حكاية سورية» برنامج لافت من اعداد راما جرمقاني واخراج آمن العرند. •AM STORY أو «حكايا الليل» برنامج يدور عن خصوصية المهن الليلية لماريا شحادة ويتناول جوانب خفية تتعلق بهذه المهن كالراقص وحفظ الأمن والاسعاف والمراقبة الجمركية والتنظيفات وغيرها من المهن... • «نقطة من أول السطر» برنامج يسلّط الضوء على حدث ما، شكَّل حداً فاصلاً في حياة أحد الأشخاص وأدى الى قلب موازين حياته رأساً على عقب. • «الهوا شمالي» برنامج يظهر المنطقة الشمالية في سورية وطريقة حياة الناس فيها خصوصا أنها عاشت عقوداً عدة بعيداً عن الأضواء. • «جيم اوفر» gym over وتعتبر كل حلقة تلفزيونية من هذا البرنامج عبارة عن فيلم توثيقي يعيد الى الذاكرة نجوم الرياضة السورية الذين رفعوا اسم بلدهم في جميع الميادين الرياضية وغافلهم النسيان لكن انجازاتهم ما تزال حاضرة. • «أوتوغراف» هو البرنامج الوحيد الذي خرج فيه القائمون على تلفزيون «المشرق» من الحدود السورية الى الفضاء العربي، وهو عبارة عن استعراض سيرة شخصية تركت أثرا في المجتمع العربي، ليضيء على بواطن هذه الشخصيات. • «حياة الآخرين» برنامج مسابقات للينا العبد يعتمد على الطرفة في فكرة تبادل الأدوار ووضع المتسابقين في أماكن غير مألوفة لتتولد المفارقات والمرح واللعب. برامج سياحية وتجدر الاشارة الى أن معظم برامج تلفزيون «المشرق» تعتبر من بعيد أو قريب حالة اكتشاف كما للمجتمع السوري كذلك للجغرافية السورية وبالتالي بطريقة أو بأخرى هي برامج تكشف عن كنوز السياحة في سورية، لكن البرامج الثلاثة التالية هي برامج اكتشاف سياحي بحت، وهي: • «مقامات الشام» هذا البرنامج ما هو الا رصد توثيقي وتحليلي اجتماعي وسياحي وتاريخي لعظماء العالم الاسلامي ممن دفنوا في أرض سورية الواسعة، فهو برنامج يكشف أن في سورية امكانية لاستثمار السياحة الدينية لديها. • «DISCOVER SYRIA / اكتشف سورية» برنامج لرنا الصوا يوفّر اكتشافاً جغرافياً سياحياً للطبيعة المتنوعة في سورية من الجبال المكسوة بالثلوج، الى الصحراء والوديان والأنهار... شبان وفتيات على شكل مجموعات يعيدون استكشاف سورية بمغاورها، سيراً على الأقدام وتوثيقها بشكل موضوعي ودون ورتوش. • «نايت لايف» برنامج لعبدو مدخنة، يصور حياة الليل والسهرات الصاخبة، لكنّه يهدف الى تقديم صورة «سياحية» للبلد، نائياً عن هموم الواقع الحقيقية. البرنامج يعتبر تصويرا حيا لأجواء السهر والاحتفال في سورية. وتعرض «المشرق» فيلمين أجنبيين، يومي الثلاثاء والخميس، وتعاود اكتشاف الأرشيف السينمائي السوري، فتقدّم خمسة أفلام سوريّة أسبوعياً، لحفظ الذاكرة. وللدراما حصة طبعاً، لكنّ «المشرق» لا تقترح دراما منافسة، بل تعرض مسلسلات تعود الى سنتين. Ladies firstومن برامج المحطة الخاصة، «النساء أولاً» Ladies first الذي تقدّمه الممثلة ديمة بياعة، والكاتبة سمر يزبك، ومصممة الأزياء هلا جرجورة، ومهندس الديكور لؤي مردم بك.البرنامج الذي ينتمي الى الـ «توك شو» يتناول مواضيع مختلفة، لكنّ طابع التسلية يغلب عليه. وهو برنامج يهتم بقضايا المرأة السورية، ربات البيوت والصالونات تحديدا. • أما «أضواء المدينة» فهو من اعداد وتقديم الكاتبة ديمة ونوس، يحاور في كل حلقة شخصية ثقافية. أضواء المدينة برنامج يركز على قضايا الحراك الثقافي في الساحة الثقافية السورية. • «ان أوت» برنامج يهتم في تقديم النشاطات الفنية السورية (غناء، مسرح، سينما، دراما، معارض نحت وفن تشكيلي وأزياء، ومهرجانات... الخ). • «ع هوانا» للشباب السوري وتطلعاتهم واهتماماتهم وقضاياهم كان لهم هذا البرنامج. • «على حد قولهم» هو برنامج يسلط الضوء على القضايا السياسية العربية فيما وراء الخبر السياسي اليومي. • «اقتصاد المشرق» برنامج اقتصادي له شكل مميز فهو كناية عن مرآة عكست واقع الاقتصاد السوري الذي تعتبر فيه اقتصاديات الظل هي الاقتصاديات ذات الطيف الأوسع، فاهتم البرنامج بهذا الاقتصاد «التراثي» المتخلف العصي على الاصلاح والتطور حتى اليوم، والبعيد عن العصرنة، وانما اقتصاد «العصرونية»، كما قُدِّمت فيه جوانب صناعية تجارية مؤسساتية خاصة وحكومية كانت خفية وغير معروفة، ولم ينسَ البرنامج أن يقدم بورصة للمنتجات والمستوردات السورية. لم تعتمد هذه البرامج على التصوير الممل داخل الاستديو فقط وانما كل هذه البرامج اعتمد فيها التقارير الخارجية لكي تبعد المشاهد عن الملل. • «سوبر برس» يعتبر من البرامج الجديدة كليا على الفضائيات العربية. هذا البرنامج يقيم ويبحث في تغطية وسائل الاعلام للقضايا والمشاكل التي تطرأ على المجتمع السوري، ومن خلالها يتطرق الى الأداء الحكومي بايجابياته وسلبياته. وجوه تميزت قناة «المشرق» الفضائية بظهور وجوه اعلامية سورية أثبتت كفاءتها المهنية بسرعة ملحوظة، والمثير للانتباه أنه في غضون الأشهر الأربعة المنصرمة التي مضت على انطلاقة القناة تمكنّت وجوه الـ «أورينت تي في» من أن تحجز لها مكانة كبرى في قلوب المشاهدين العرب، اذ رغم قصر الفترة الزمنية التي عرف الناس خلالها مذيعو «المشرق»، فقد باتوا نجوماً لامعين في الفضاء الاعلامي، يشار اليهم بالبنان، وهذا ان دلّ على شيء فانما يدلّ على تميز الأداء الاعلامي لتلك الأسماء وتألق البرامج التي يطلّون من خلالها

No comments:

Post a Comment